عدد شرايين القلب وأهميتها في النظام الدوري

يُعتبر القلب من أهم الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان، إذ يقوم بدور المضخة الأساسية التي تضخ الدم المحمل بالأكسجين والمغذيات إلى كافة أجزاء الجسم، كما يستقبل الدم المحمل بثاني أكسيد الكربون والنفايات لإخراجها عبر الرئتين والكليتين. ولكي يقوم القلب بوظيفته الحيوية بشكل فعال، لا بد من وجود نظام شرياني معقد يزوده بالدم اللازم لنشاطه وحمايته من التلف. وفي هذا المقال سيتم التعمق في موضوع عدد شرايين القلب، تعريفها، توزيعها، ووظيفتها الحيوية، مع توضيح تفصيلي للتركيب التشريحي ووظائف كل شريان منها.

مقدمة عن شرايين القلب

شرايين القلب هي الأوعية الدموية التي تزود عضلة القلب (عضلة الميocardium) بالدم الغني بالأكسجين. تُعرف هذه الشرايين باسم الشرايين التاجية أو الشرايين الإكليلية، وتشكل جزءًا أساسيًا من الدورة الدموية التاجية. إن وجود هذه الشرايين وأداؤها السليم ضروري للحفاظ على نشاط عضلة القلب وقوتها، إذ أن نقص التروية الدموية للقلب يسبب أمراضًا خطيرة مثل الذبحة الصدرية أو احتشاء عضلة القلب.

تبدأ شرايين القلب من جذر الأبهر (الشريان الأورطي) وتحيط بالقلب بطريقة تشبه التاج، ومن هنا جاءت تسميتها بالشرايين التاجية. تحظى هذه الشرايين بموقع استراتيجي يسمح لها بتزويد جميع أجزاء القلب من الأذينين والبطينين، بالإضافة إلى الأوعية الدموية الصغيرة والأنسجة المساندة.

عدد شرايين القلب وأنواعها الرئيسية

يمكن تقسيم شرايين القلب إلى شريانين رئيسيين رئيسيين يتفرعان من الشريان الأبهر، وهما:

1. الشريان التاجي الأيسر (Left Coronary Artery – LCA)

2. الشريان التاجي الأيمن (Right Coronary Artery – RCA)

1. الشريان التاجي الأيسر

ينقسم الشريان التاجي الأيسر إلى فرعين رئيسيين هما:

• الشريان الأمامي النازل (Left Anterior Descending Artery – LAD):
  
  يتجه نحو الجزء الأمامي من القلب ويزود بالدم الجزء الأمامي من البطين الأيسر، الحاجز بين البطينين، وجزء من الأذين الأيسر.

• الشريان التاجي التاجي (Left Circumflex Artery – LCX):
  
  يدور حول الجانب الأيسر من القلب ويوفر الدم للجزء الخلفي والجانبي من البطين الأيسر والأذين الأيسر.

2. الشريان التاجي الأيمن

يتفرع من الأبهر ويمتد إلى الجانب الأيمن من القلب، ويزود بالدم الأذين الأيمن، البطين الأيمن، والجزء الخلفي من البطين الأيسر في بعض الحالات، بالإضافة إلى العقدة الجيبية الأذينية (Sinoatrial Node) التي تنظم ضربات القلب.

شرايين فرعية أخرى وتوزيعها

بجانب الشريانين الرئيسيين، يوجد شرايين فرعية متعددة تنتشر لتغذية عضلة القلب بكفاءة عالية:

• الشرايين الحلقية: وهي شرايين متفرعة من الشريان التاجي الأيسر، تغطي الجزء الجانبي الخلفي للقلب.

• الشرايين الحاجزية: تغذي الحاجز بين البطينين، وهي مهمة جدًا لتنسيق التقلصات القلبية.

• شرايين البطين الأيمن: تغذي هذا الجزء من القلب وتضمن استمرارية التروية الدموية.

أهمية شرايين القلب

تعتبر شرايين القلب مسؤولة عن تزويد عضلة القلب بالأكسجين والمواد الغذائية اللازمة لضمان عملها بكفاءة، وذلك لأن عضلة القلب، كغيرها من العضلات، تحتاج إلى كمية كبيرة من الأكسجين لتأمين استمرار الانقباضات القوية المنتظمة. نقص التروية الدموية في هذه الشرايين يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة، منها:

• الذبحة الصدرية: وهي ألم حاد في الصدر ناتج عن نقص مؤقت في تدفق الدم إلى القلب.

• احتشاء عضلة القلب (النوبة القلبية): وهو تلف أو موت جزء من عضلة القلب نتيجة انسداد كامل في الشريان التاجي.

• قصور القلب: ضعف قدرة القلب على ضخ الدم بفعالية نتيجة تلف عضلة القلب.

الأبعاد التشريحية لشرايين القلب

يمتاز كل شريان تاجي بحجم وطول معين يتناسب مع وظيفة تغذيته في القلب، كما أن شبكة هذه الشرايين متشابكة بشكل يسمح بمرونة في التروية الدموية. يبلغ قطر الشرايين التاجية الرئيسة تقريبًا من 3 إلى 4 ملليمترات، بينما تتقلص أقطار الشرايين الفرعية إلى أقل من ملليمتر في بعض الفروع الدقيقة.

تحتوي الشرايين على جدران ثلاثية الطبقات تشمل:

• الطبقة الداخلية (Tunica intima): بطبقة رقيقة من الخلايا البطانية التي تساعد على انسياب الدم.

• الطبقة الوسطى (Tunica media): طبقة عضلية تحيط بالشريان وتساعد على تنظيم ضغط الدم.

• الطبقة الخارجية (Tunica adventitia): طبقة من النسيج الضام تحمي الشريان وتربطه بالأنسجة المحيطة.

تدفق الدم في شرايين القلب

يتدفق الدم في شرايين القلب خلال فترة انبساط القلب (Relaxation phase) وليس خلال الانقباض (Systole) كما في بقية الشرايين. يعود السبب إلى أن انقباض عضلة القلب يضغط على الشرايين التاجية، مما يقلل من تدفق الدم خلالها، لذلك يعتمد القلب بشكل كبير على فترة الانبساط لاستقبال الدم الغني بالأكسجين.

الأمراض المرتبطة بشرايين القلب

تتأثر شرايين القلب بعوامل مختلفة تؤدي إلى أمراض خطيرة، من أبرزها:

• تصلب الشرايين (Atherosclerosis): تراكم الدهون والكوليسترول على جدران الشرايين مما يضيقها ويعيق تدفق الدم.

• التهاب الشرايين: وهو حالة نادرة لكنها قد تؤدي إلى تضرر الشرايين.

• تضيق الشرايين (Stenosis): تضييق غير طبيعي في الشرايين يسبب ضعف التروية الدموية.

يؤدي انسداد أو ضيق في الشرايين التاجية إلى مشاكل حادة قد تصل إلى الوفاة إذا لم يتم التعامل معها بسرعة، مما يستدعي متابعة طبية مستمرة وفحوصات دورية مثل القسطرة القلبية.

جدول توضيحي لأنواع شرايين القلب ووظائفها

العناية بصحة شرايين القلب

للحفاظ على سلامة شرايين القلب، يجب اتباع نمط حياة صحي يشمل:

• نظام غذائي متوازن قليل الدهون المشبعة والكوليسترول.

• ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لتحسين الدورة الدموية.

• الابتعاد عن التدخين والمخدرات التي تؤثر سلباً على الشرايين.

• مراقبة ضغط الدم ومستويات الكوليسترول بانتظام.

• تناول الأدوية الموصوفة للوقاية أو العلاج تحت إشراف طبي.

خاتمة

تمثل شرايين القلب الشبكة الحيوية التي تغذي عضلة القلب بالأكسجين والمواد الغذائية، وتعتبر عددها الأساسي شريانين تاجيين رئيسيين يتفرعان إلى شرايين فرعية دقيقة تغطي كافة أجزاء عضلة القلب. تعتمد صحة القلب بشكل كبير على سلامة هذه الشرايين، ويجب الاهتمام بنمط الحياة الصحي لتجنب أمراض القلب التاجية التي تهدد الحياة. تعد معرفة تركيب وعدد شرايين القلب أمراً جوهرياً لفهم كيفية حماية القلب والحفاظ عليه من الأمراض.

المصادر والمراجع

1. Braunwald’s Heart Disease: A Textbook of Cardiovascular Medicine. 11th Edition. Elsevier, 2018.

2. Cardiovascular Physiology Concepts, Richard E. Klabunde, 2016.